«التربية».. بين مطرقة «التشريعية» وسندان «التنفيذية»

فيسبوك
تويتر
لينكدان
الإيميل

منطقيا وعلى خلفية المبالغ الضخمة التي تنفقها الدولة على وزارة التربية والتعليم والتصريحات الرنانة والمتتابعة لنواب في مجلس الأمة يترقب المواطنون ارتفاعا في مستويات التحصيل العلمي والثقافي لأبنائهم وازديادا لفرص العمل وتحسنا ملموسا في نوعية الخدمات التعليمية المقدمة في المدارس والجامعات الحكومية ومزيدا من التطور المجتمعي القائم على المعرفة. إلا أنه وفي غياب النتائج الملموسة التي يمكن توقعها في المجالات السابقة لا يجد المواطنون بدا من التعبير عن نفاد صبرهم حيال ما يصدر عن الحكومة ومجلس الأمة. فالمطالب الداعية إلى تحقيق الإصلاح والتطور، وهما شرطان أساسيان يتيحان للمواطنين التنعم بالمزيد من الازدهار والرفاهية المجتمعية، إنما تستوجب من السلطتين أن تتخطيا الوعود التي يقطعها مرشحون أثناء حملاتهم الانتخابية، ومن السلطة التنفيذية أن تغير طريقتها في صياغة السياسات لترسم رؤية تبدد مخاوف المواطنين وتلبي احتياجاتهم، لكي يكون برنامج عملها قادرا على استقطاب الدعم المجتمعي والاستمرارية مهما كانت الظروف السياسية العامة.

أعلم أن صياغة السياسات عملية معقدة تتطلب تحضيرا وتخطيطا حثيثين، وأعلم كذلك أن ممارسة التشريع لا تقل تعقيدا عن سابقتها لاحتياجها للدراسات والتحليلات المنطقية الرأسية منها والأفقية في الحد الأدنى، إلا أن واقعنا الراهن يدل وبما لا يدع مجالا للشك أننا تراجعنا عن ذاك الحد ، حيث ان السياسات والتشريعات المتخذة باتت تخضع في الغالب، لأهواء شخوص وتيارات تحيد بالمؤسسة التعليمية عن جادة الصواب وتفقد العاملين بها بوصلة الإنتاج، وهو الأمر الذي لن تحمد عقباه، لأنها وببساطة العامل المؤثر الأكبر في صناعة مواطن إما يبني وطنه أو يتخلى عنه. الحقيقة الجلية هنا أنه يجب النأي بوزارة التربية عن كل أشكال الممارسات السياسية غير السوية من كل الأطراف، والبقاء على الحياد عندما يتعلق الأمر بالثروة الحقيقية للوطن.

د. خالد النفيسي

لا جديد في رحى السياسة الكويتية، فهي كأمواج البحر بين مد وجزر، الأمر الذي ألِفناه وطورنا بعض المهارات للتعايش معه، إلا أنه وفي السنوات القليلة الماضية وبسبب عمق الخلافات بين من يفترض به التشريع للتطوير والتحسين (مجلس الأمة) ومن يناط به التنفيذ والتقويم (مجلس الوزراء) وبحكم العمل المتواصل مع كل مستويات العاملين بوزارة التربية بات هناك تحد خطير يفرض نفسه في كل قطاعات العمل بها، ويكاد يشكل أرضية مشتركة بينها على الرغم من اختلاف طبيعة عمل وحجم مشاريع كل منها. ذلك أن غياب العمل القائم على الخطط من جهة وفقدان الحلول الملموسة للتعامل مع السياسات الجديدة (التحديث المستمر للسلطتين والقائمين عليها) من جهة أخرى أديا إلى انبثاق نمط جديد من الموظفين يصب جل اهتمامهم على رعاية مصالحهم الشخصية، ومجموعة محددة من الأشخاص حولهم لضمان استمرارهم والعزوف عن العمل وفق السياسات الحديثة من المسؤولين لكون التغيير قادم، ومن تقدم علينا ما يلبث أن يتقادم. فتُخفِق بذلك وزارة التربية من تحقيق الغاية الحقيقية من إنشائها ولا يعود نظامها قادرا على تبديد المخاوف الحقيقية التي تقض مضاجع المواطنين، حيث لا يعود التعليم حقيقيا ولا يوفر الحد الأدنى من متطلبات القبول الأكاديمي لاستكمال الدراسات الجامعية، ولا متطلبات سوق العمل من الأيدي العاملة، وبالتالي استقرار الوطن وديمومة ثروته البشرية.

تم النشر بجريدة القبس

مقالات ذات صلة:

Svg Vector Icons : http://www.onlinewebfonts.com/icon

بقلم د.خالد النفيسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طلب خدمة