التفكير التصميمي منهجية تقوم على إيجاد الحلول والابتكار المركزة على الإنسان «العامل والمتعامل مع وزارة التربية»، وهي عملية تقوم على خمس خطوات: الملاحظة، التصور، النمذجة، الاختبار، التنفيذ. وبذلك يضع التفكير التصميمي الأشخاص الذين نُصمم لهم في مركز العملية ويدعوهم للمشاركة بها. إن المنهجية المركزة على الإنسان هي بلا شك اعتقاد جازم بأن كل المشاكل التي تواجهه مهما بدت صعبة ومعقدة يمكن حلها خصوصا عندما يكون الأشخاص الذين يعانون من خطب ما هم أنفسهم من يجب عليهم أن يعالجوها مباشرة. ولأنه ببساطة المنهج الذي يضع الإنسان ورغباته محورا للأولويات.
يكمن سر نجاح التفكير التصميمي في أنه منهج متكرر يقوم على ملكة الحدس والمراوحة بين الملاحظة والتفكير من جهة وتطوير الأفكار من جهة أخرى، حيث يبدأ بملاحظة المشكلة، يليها تصور الحل الذي يجب أن يتسم بالإبداع، وفي الواقع تتحول الفكرة إلى مشروع بصفة آنية كلما وقعت نمذجتها وخضعت لاختبار ميداني وهي الخطوة الثالثة، ويتم تعديلها وفقا للملاحظات التي يتم تلقيها من المستخدم، وتتكرر مراحل النمذجة عدة مرات كما أنها جزء لا يتجزأ من مرحلة إنجاز ذاك المشروع أو المبادرة.
والنمذجة هنا وباختصار تعني منح الفكرة الحياة كي نتمكن من التعلم منها، وبتعبير آخر لا تكثر من التخطيط المبدئي، طبق الفكرة على مقياس صغير كما تعتقد وكم تظن أنه يجب أن تكون، واحصل على التغذية الراجعة إما للسير قدما في مشروعك أو التخلي عنه، يلي ذلك الاختبار، فبالإمكان اختبار كل شيء وبوسعنا اختبار كل ما من شأنه أن يشكل خطرا على أفكارنا ويزيد من خطر فشل المشروع أو المبادرة. بعد ذلك ننتقل للخطوة التالية من التفكير التصميمي وهي التنفيذ.
تكاد تكون تعقيدات وتراكمات الغزو العراقي على الواقع التعليمي مشابهة بشكل من الأشكال لتلك التي خلفتها الجائحة، وعلى أقل تقدير في تحديد طريق العودة. إذا هي فرصة مواتية لإعادة رسم المشهد التعليمي وبناء أساساته من جديد، وكي لا تضيع هذه الفرصة في هرطقة الفلسفات وترهات أصحاب اللا اختصاص مرة أخرى. بإمكان القائمين على وزارة التربية تبني مفهوم «التفكير التصميمي» والعمل عليه لإعادة إحياء القلب التعليمي قبل توقفه التام.
قد يكون المشروع مميزا، لكن ماذا عن تطبيقه؟ قد يكون لديك فريق، لكن هل لديه المعارف والمهارات المطلوبة؟ في الواقع إيجاد الحل المناسب (المشروع أو المبادرة) وتنفيذه هما مرحلتان مختلفتان، وهنا يتحتم على القائمين على وزارة التربية جمع الفريق المناسب من مختلف مستويات العاملين بها، وتكوين خطة عمل ذات مراحل، تحمل عناصرها بداية ونهاية وجدولا زمنيا، والاستعانة بكل الموارد البشرية مهما كانت مسمياتها الوظيفية، فالأصل بالتفكير التصميمي إطلاق العنان للجميع للمشاركة في الحلول، ومن المهم أيضا في مرحلة التنفيذ الإحاطة بالشركاء الاستراتيجيين وتحديد المطلوب منهم بدقة، وعندما نتقدم في مراحل التنفيذ فإننا نكون في حالة من التعلم المستمر وضبط وصقل تمكننا من المتابعة والتقييم وتحدد مدى اقترابنا من النجاح.
إن التكرار هو جوهر التجديد في مقاربة التفكير التصميمي، خصوصا في مرحلة النمذجة، لذا لابد من معاينة المشاريع باستمرار، اختبار الأفكار، تحسين الاستمتاع للردود والتعليقات، والتطوير المستمر في الإطار المصغر له قبل التوسع فيه.
د.خالد النفيسي