آراء تربوية لنتحلَّ بالشجاعة.. ولنتحمّلْ جميعاً مسؤولية التعليم

فيسبوك
تويتر
لينكدان
الإيميل

«عندما نصبح في عمر معيّن علينا أن نتسلَّم دفة القيادة في حياتنا… المسؤولية تكمن في داخلنا».

(ج.ك رولينغ)

ما الذي يكبح قدراتنا على الاستجابة للتحديات في الوقت الملائم بشجاعة وإبداع؟ لا شك في أن تحديات عصرنا تفوق قدرتنا في بعض الأحيان، ومثال على ذلك جائحة «كورونا» وتداعياتها على قطاع التربية والتعليم، التي أسفرت عن إطلاق مشروع التعليم عن بُعد، الأمر الذي لا نستطيع ببساطة فعل شيء حياله سوى القبول به على مضض، إلا أننا قد نضيّع فرصة النجاح به إذا أغفلنا العمل الجماعي.

أعلم أن مقاومة التغيير باتت سمة لدى الأغلبية العظمى منا، وأن التأقلم مع الوضع الراهن كما هو أصبح عادة مألوفة، إلا أني على يقين بأن المقاومة، إن وجدت، فهي ليست للتغيير بحد ذاته، إنما للخسارة الناجمة عنه والمتمثلة في التخلي عن أشياء نملكها أو الخروج من منطقة الأمان التي نألفها. وعليه، يجب علينا تجنّب سلوك المسارات المعتادة في التعامل مع التغيير، التي من أشهرها: التخلّي عن المسؤولية.

وللتعامل مع هذه المسألة، فلنبدأ بالمتعلم، مَن قال إن دوره يقتصر على تلقّي المعلومة فقط؟ إن الأصل في عملية التعليم عن بُعد تحميل المتعلم مسؤولية تعلّمه، الأمر الذي يستوجب منه الحرص على الإنصات إلى المعلم، والتفاعل معه أثناء الشرح والقراءة بتمعّن بعده والبحث عن مادة تعليمية مساندة لتثبيت المعلومة عن طريق ربطها بالهدف من دراستها والإجابة عن تكليفاتها.

أما بالنسبة إلى المعلم، فيجب أن يراعي البعد الاجتماعي عن المتعلم، من خلال تبنّيه إستراتيجيات، واستخدامه أدوات تعليمية تساعد على شد انتباه الأول، وتضمن تفاعله بالحد الأدنى، مع ضرورة تحديد ساعات ثابتة يستطيع فيها المتعلم العودة للمعلم للسؤال أو الاستفسار، أو حتى الاستزادة.

الأمر ذاته بالنسبة إلى ولي الأمر، فتهيئة ركن يمتاز بالهدوء وتوافر الأدوات من شأنهما تيسير عملية التعلّم على المتعلم، على أن تقرن بسن بعض القوانين المنظمة للدراسة المنزلية، كتحديد ساعات معيّنة لاستخدام الأجهزة الذكية أو اللعب أو مشاهدة التلفاز، ولا مانع من تبنّي برامج تحفيزية قائمة على المكافآت المادية والمعنوية.

أما المدرسة وإدارتها فيقع عليهما دور لا يقل أهمية عما هو معهود بهما في الأوضاع الاعتيادية؛ فالمعلمون اليوم أحوج ما يكونون إلى الاستقرار النفسي والدعم المعنوي؛ فجهودهم كبيرة وتحمّلهم الأعباء محل إعجاب، فاصبروا عليهم ولا تعاجلوهم باللوم والعتاب وكثرة الاحتجاج.

ولنا وقفة مع أصحاب القرار في وزارة التربية.. فوضوح الرؤية وسلامة الإجراءات وثبات تطبيقها هي كفيلة بتحقيق النجاح لجميع الأطراف السابقة، وهو ما لا تجيدون عمله حتى الآن. لا أستطيع التماس أي عذر لكم في جملة الأخطاء السابقة. فتبعاتها كبيرة وتأثيراتها عميقة في الميدان التربوي والعاملين فيه والمستفيدين منه.

ويبقى الأمل في أن تكون هذه الجائحة هي الصدمة التي يحتاجها الجسد التربوي بالكويت، ليفيق من حالة الغيبوبة التي أصابته منذ سنوات طوال.

تم النشر بجريدة القبس

مقالات ذات صلة:

Svg Vector Icons : http://www.onlinewebfonts.com/icon

بقلم د.خالد النفيسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

طلب خدمة